كانت الشمس تلقي بظلالها على العشب الأخضر في حديقة "دان ميدو" الخضراء بجامعة إنديانا بلومنغتون الأميركية، فيما كان صف من الشرطة يحمل الهراوات والدروع يتقدم للأمام.
وعلى الجانب الآخر من الشرطة وقفت سلسلة من المتظاهرين وأذرعهم متشابكة أمام خيام نصبها مؤخرا طلاب متضامنون مع فلسطين، وتشبه عشرات المخيمات الأخرى التي أقيمت في جامعات عديدة بأنحاء الولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة مع تصاعد المظاهرات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة، بحسب تقرير الجزيرة الإنجليزية.
كان حرم الجامعات في الولايات المتحدة لفترة طويلة معقلا للحرية الأكاديمية والاحتجاج السياسي، ولم تكن جامعة إنديانا استثناء، فلمدة 55 عاما كانت حديقة دان ميدو هي "مكان التجمع" المخصص لاحتجاجات الطلاب، وهي منطقة وصفتها الجامعة نفسها بأنها "منتدى عام للتعبير في جميع المواضيع".
لكن ذلك تغير في 24 أبريل/نيسان الماضي، حيث سارع مديرو الجامعات إلى مراجعة السياسات التي كانت موجودة في الكتب منذ عام 1969.
وبينما سمحت الجامعة في السابق "باستخدام العلامات أو الرموز أو الهياكل" للاحتجاجات التي شهدتها المروج الخضراء حظر تغيير جديد نصب الهياكل والتشكيلات المؤقتة دون موافقة مسبقة، وفي اليوم التالي فككت الشرطة المخيم واعتقلت طلابا محتجين.
وقد دفعت هذه الخطوة جامعة إنديانا إلى واجهة نقاش ساخن: هل يواجه أولئك الذين يحتجون على الحرب في غزة تحديات غير متناسبة في ما يتعلق بحقوقهم في حرية الحديث والتعبير؟
قال بنجامين روبنسون أستاذ الدراسات الجرمانية في الجامعة -والذي انضم إلى المحتجين في 25 أبريل/نيسان الماضي- "لقد تجمع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والمجتمع في هذا المرج لعقود من الزمن، ولم يقابلوا بهذا الرد من قبل".
وجرى القبض على روبنسون في نهاية المطاف مع نحو 50 متظاهرا آخر، وتم منعهم جميعا من دخول الحرم الجامعي لمدة عام.
وقال روبنسون للجزيرة الإنجليزية "الآن أرى هذا العرض العسكري الساحق وغير المتناسب للقوة، وهو ما يجعلك تتساءل: لماذا الآن؟ لماذا هذه المرة مختلفة؟".
يعد الحق في حرية التعبير معيارا ثقافيا بارزا في الولايات المتحدة منذ تشكلها، وهو منصوص عليه بشكل بارز في التعديل الأول للدستور.
لكن الحرب في غزة وحركة الاحتجاج التي ألهمتها سلطتا الضوء على أسئلة، مثل: أين تنتهي حدود هذه الحرية؟
ويهدف الطلاب المتظاهرون إلى وقف علاقات مؤسساتهم التعليمية مع إسرائيل، وينتقدون حكومة الولايات المتحدة بسبب دعمها المادي والسياسي المستمر للحرب.