تقرير عروب الوزني
لطالما حلمت تلك الأسيرة وغيرها من الأسيرات كطفل صغير بلحظة خروجها من السجن، وتوديعها تلك الزنازين والغرف القذرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتخيلت مئات المرات لحظة لقائها بأهلها وعودتها لممارسة حياتها الطبيعية كأي فتاة فلسطينية، وأن تعمل بشهادتها التي لم تذق لذة فرحتها فكانت داخل السجن، ولكن بعد خروجها تبددت كل خيالاتها لدى اصطدامها بالواقع المرير، ونظرة المجتمع الظالمة لكل فتاة أسيرة.
(ر.ح)أسيره محررة, وناشطة شبابية في الثامنة والعشرين من عمرها, حاصلة على شهادة البكالوريوس في تخصص تكنولوجيا المعلومات من جامعه النجاح الوطنية, ولكن رغم ذلك لم تحظ بفرصة للعمل سوى فترات متقطعة.
وتقول "قضيت في زنازين الاحتلال حوالي تسعة شهور تقريباً، وخرجت بعدها بصفقه ودفعت غرامة مالية, ووقف تنفيذ لمده 3 سنوات".
وجلست (ر.ح)في التحقيق أسبوع كامل, بواقع 16 ساعة يومياً, فكانت أشبه بمعاناة وضغط كبيرين, إضافة إلى معاناتها في رحله البوسطة والعزل حيث الطريق الطويلة والشاقة.
وتضيف (ر.ح):" في فصل الشتاء تعرضت أنا ورفيقاتي الأسيرات لربطنا بكراسي, وفتح النوافذ,لنعاني من برد الشتاء القارص, وكذلك تتعرض بعض الأسيرات لمحاولات تحرش الجنود بهم".
وعن المشكلات التي تعرضت لها (ر.ح)وغيرها من الأسيرات فور إطلاق سراحهم, توضح :" لم احظ إلا بفرص قليلة من العمل, واكتفيت باللجوء لدوائر التطوع في المؤسسات, والدورات, لعلني أجد السبيل إلى فرصة في العمل".
وتروي (ر.ح) وعيناها قد اغرورقت بالدموع قصه حصلت معها منذ سنه حيث ارتبطت بأسير سابق, وانفصلت عنه بعد الخطوبة بما يقارب الخمسه أشهر بسبب نظره أهله السلبية لها, ومشاكل شكه بأصغر الأمور, وتقول (ر.ح)والغصة تكاد تخرسها :"كان لهذه التجربة المريرة تأثير كبير على نفسيتي، وقبولي مجدداً لفكرة الزواج".
ومازال المجتمع الفلسطيني يطلق إحكاماً مسبقة على الأسيرات دون التعمق، ومعرفه حيثيات السجن، والمكوث فيه, بسبب عدم تطرق وسائل الإعلام لمواضيع حال الأسيرات داخل السجون الإسرائيلية.
وتبين (ر.ح):" بنظري لوسائل الإعلام تأثير كبير حيث أنها لا تتطرق إلى موضوع كيفيه التحقيق مع الأسيرات، وما يواجهنه داخل السجن وغرف التحقيق،
وتعيش الأسيرات بعد الخروج من السجن في واقع مأساوي حيث الإشاعات التي لا تنتهي حول تعرضهن للاغتصاب.
وتوضح (ر.ح):" ولان مجتمعنا ينظر إلى شرف المرأة، وكأنه كنز لا يجوز التفريط به, وهناك بعض الإشاعات التي لا أساس لها من الصحة أن الأسيرات يتعرضن التحرش والاغتصاب".
وتتساءل (ر.ح)هل سمعتم يوما بمثل هذا الهراء؟! بالطبع لا, لم يتناهى إلى سمعكم ذلك لأنها محض إشاعات مغرضة .
وبخصوص موقف أهل الأسيرات من نظرةالمجتمع إلى بناتهم، يقول والدها :" لا زلت اشعر بالحزن والألم كلما رأيت ابنتي عاجزة عن إيجاد عمل مناسب لها ,وكما بسبب تعلمين نحن لم ندوم لها طوال العمر، فماذا ستفعل غداً إذا بقيت من بدون زواج وعمل".
ويضيف والحزن باد على محياه:" أتمنى لو أن استطيع مساعدتها في إيجاد عمل يليق بها فهي من حملة الشهادات، وليس لها ذنب سوى أنها أسيره, ومجتمعنا لا يرحم أحدا, فيظنون الظن السيئ بها، ولا يقبلون بالتقدم لخطبتها".
وكأنه لا يكفي على الأسيرات نظره المجتمع ليأتي أرباب العمل، ويزيدوا الطين بله، يقول مدير (ر.ح) السابق :" أنا كصاحب أي عمل أصبحت أخاف من توظيف الأسيرات لدي بسبب نظرة المجتمع السلبية للاسيرات ولا أريد الإساءة إلى سمعة عملي، بينما رفض مديرها بالعمل الآخر مقابلتي، والحديث معي في الموضوع مشاكل العمل، والراتب مع ريما.