الإعلامي أحمد حازم
خلال فترة حملة التنافس على الرئاسة الأمريكية بين دونالد ترامب وكامالا هاريس، لم يكن متوقعا فوز ترامب، بل كانت كل مؤشرات النجاح باتجاه كامالا هاريس، المرأة الثانية في تاريخ أمريكا والتي رشحها الحزب الديمقراطي لمنصب الرئاسة بعد ترشيح هيلاري كلينتون في العام 2016. حتى استفتاءات الرأي وكل الاستطلاعات كانت كفتها تميل للمرشحة هاريس.
مدير معهد الأبحاث في “معهد سيينا”، دون ليفي، الذي ينشر مع صحيفة “نيويورك تايمز” استطلاعات الرأي، قال إنّ كثيرًا من الناخبين الذين كان يجري الاتّصال بهم للمشاركة في استطلاعات الرأي “كانوا يصيحون في وجوهنا: ترامب، ويقفلون الخطّ” من دون الأخذ بإجاباتهم. وبالرغم من ذلك استطاع ترامب هزم كافة الاستطلاعات وتجاوز كافة التوقعات وفاز في الانتخابات، وبالتّالي تكرّرَ سيناريو انتخابات 2016 بينه وبين وهيلاري كلينتون التي كانت استطلاعات الرأي تتوقّع أنّها ستكون أوّل امرأة تدخل البيت الأبيض رئيسةً للولايات المُتحدة.
كثيرون يتساءلون باستغراب عن خلفية فوز ترامب الذي خسر انتخابات التجديد في عام 2020، وتمّ عزله مرّتين في مجلس النواب وتمّت إدانته وتعرّض لمحاولتَي اغتيال أصيب بأحدها، علاوة على كمّ من التصريحات والفضائح.
رئيس أميركا الجديد (القديم)، حقّقَ فوزًا سهلًا على منافسته الدّيمقراطيّة كامالا هاريس، وتمكن حزبه (الحزب الجمهوري) من انتزاع الأغلبيّة في مجلسَيْ الشّيوخ والنّواب. لكن ما هي الأسباب التي أدّت إلى فوز ترامب؟
تقول استطلاعات الرأي الأمريكية، إنّ الاقتصاد هو أهم شيء للناخب الأمريكي، بمعنى أن هذا الناخب يريد أن يعيش في “بحبوحة” اقتصادية ولا تهمه السياسة الخارجية كثيرًا، بل وضعه المعيشي، خصوصًا أن 4% من النّاخبين يعتبرون السّياسة الخارجيّة دافعهم لاختيار المُرشّح، إلّا أنّ هذا الرّقم لعب دورًا حاسمًا في ولايات مثل ميشيغن، حيث توجد شريحة واسعة من النّاخبين من أصول عربيّة ومُسلمة.
في عهد باين شهدت أمريكا ارتفاعًا في معدّلات التضخّم وارتفاعًا في أسعار الوقود والسّلع الغذائية، ولم يكن بمقدور فريق هاريس وقبلها بايدن توضيح وشرح أسباب التضخّم للناخبين الأميركيين. وقد ركّزَ ترامب في حملته على الاقتصاد ودعم الشّركات الكبرى مُنطلقًا من تجربته الرّئاسية بين 2016 و2020 حين وصلَ دخل الفرد الأميركيّ لأعلى معدّلاته منذ 1920.
لقد استطاع ترامب كسب أصوات النّاخبين المسيحيين (الإنجيليين والكاثوليك) وكذلك أصوات العرب والمسلمين واليهود، لأن الحزب الدّيمقراطي دعم قضايا مثل تحويل الجنس، ومسألة تحديد الهويّة الجنسيّة وغيرها، وهي مسائل محرمة لدى هذه الشرائح.
لقد استطاع ترامب استغلال الحرب الروسية على أوكرانيا والحرب الدائرة في الشرق الأوسط، حيث ركّزَ في حملته الانتخابيّة على تخويف النّاخبين من أنّ الإدارة الدّيمقراطيّة تجرّ العالم والولايات المُتحدة إلى حرب عالميّة ثالثة، وأنّه سيكون الرّئيس الذي سيوقف هذه الحروب.
الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون هزم جورج بوش الأب، وأقنع الناخب الأمريكي بأنه الوحيد القادر على إصلاحه، وهذا ما فعله ترامب. ولقد أعجبني وصف أحد الصحفيين لكيفية تعامل العالم مع ترامب بالقول: “من المتوقّع أن يتعامل قادة العالم، مع أميركا ترامب مثل مدرّبي الحيوانات الحذرين، والحيوان هنا ودود، ولكن لا أحد يعرف حقًّا ما الذي سيفعله لاحقًا”.
ترامب سيواجه بحزمة أزمات في سلة إيرانية واحدة، عندما يريد العمل على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان. وليس من المستبعد عرض حلول جاهزة لحل أزمات لبنان وغزة. اللبنانيون لديهم تفاؤل، لأن ترامب وعدهم بحل، ومن غير المستبعد تكليف صهره من أصول لبنانية مايكل مسعد بمهمة تتعلق بلبنان، ليكون عهد ترامب هو عهد الصهرين: اليهودي الأمريكي كوشنير، والمسيحي اللبناني بولس.