عائشة حمودة – ناشطة نقابية
لقد تركت تجربتي في منظمة العمل الدولية أثرًا عميقًا في وجداني، حيث اكتشفت المعنى الحقيقي للنضال النقابي، ليس فقط من خلال متابعة أعمال الاتحاد الدولي للنقابات، أو عبر أروقة لجان المعايير التي تعمل على صياغة سياسات تضمن الحقوق العمالية، بل عبر رؤية نضالات الشعوب تُتَرجَم تدريجيًا إلى مكاسب ملموسة.
منظمة العمل الدولية، بتاريخها الطويل في إقرار الاتفاقيات التعديلية والبرامج الرامية إلى تحقيق العدالة في عالم العمل، كانت دومًا ميدانًا للنضال المستمر من أجل حقوق الإنسان وحقوق العمال. واليوم، أُعلن عن خطوة تاريخية: منح فلسطين صفة عضوية مراقبة في منظمة العمل الدولية. هذه الخطوة ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي ثمرة سنوات طويلة من النضال الذي خاضته الحركة النقابية الفلسطينية ممثلة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين وبدعم صلب من الاتحاد الدولي للنقابات، ، والاتحاد العربي للنقابات.
هذه العضوية تمثل أكثر من إنجاز سياسي أو إداري؛ إنها اعترافٌ دوليٌ بحق العامل الفلسطيني في أن يكون جزءًا من القرار العالمي في قضايا العمل والعدالة الاجتماعية. وهي بداية لوضع صوت فلسطين، ومعاناة عمالها، ضمن السياسات والاستراتيجيات الدولية، لا سيما في ظل الظروف القاسية التي يمر بها شعبنا، وخاصة في قطاع غزة.
في لحظة إعلان التصويت، التي جاءت باكتساح لصالح فلسطين، غمرتني مشاعر الفخر والانتماء إلى مسيرة نضالية حقيقية. لقد كان هذا التصويت بمثابة رسالة واضحة من المجتمع الدولي أن قضايانا العمالية هي قضايا إنسانية بامتياز، وأنه لا يمكن الحديث عن كرامة العمل دون الحديث عن كرامة الإنسان الفلسطيني.
نعم، نحن نناضل من أجل عالم عمل آمن وعادل، لكننا أيضًا نناضل من أجل الحق في الحياة، في الحرية، في الكرامة، وفي إعادة الإعمار وفتح المعابر ووقف إطلاق النار. وهذه كانت الرسالة التي حرصت رئيسة فريق العمال في المنظمة على تكرارها: “نحن لا نناضل فقط من أجل الحقوق النقابية، بل من أجل الحقوق الإنسانية.”
اليوم، وأنا أشارك في هذا الإنجاز، وبحضوره شخصيا أقول بكل فخر: انتمائي لهذا النضال النقابي هو انتماء لقضية وطن، وشعب، وعدالة. فلسطين اليوم بدأت تخطو بخطى ثابتة نحو التأثير الفعلي في هيئات الأمم المتحدة، عبر منصة العمل الدولية، ومن هنا يبدأ التغيير.
ألف مبروك يا فلسطين، على هذه الخطوة الأولى التي نأمل أن تتبعها خطوات أوسع، نحو تمثيل حقيقي لصوت العامل الفلسطيني، وواقع العمل تحت الاحتلال، في كل منصة أممية