الرئيسية / ثقافة وأدب
صوفيا تفكر جديا بإقامة ثورة لكن لا تدري على من تثور بقلم / بيسان عناب
تاريخ النشر: الخميس 08/09/2016 11:40
صوفيا تفكر جديا بإقامة ثورة لكن لا تدري على من تثور بقلم / بيسان عناب
صوفيا تفكر جديا بإقامة ثورة لكن لا تدري على من تثور بقلم / بيسان عناب

   هي صديقتي منذ الصغر من على مقاعد الدراسة حيث كنا  نتبادل الهمسات ، سنين عديدة مضت على تلك الذكريات وكل منا انصرف الى حياته واهتماماته.

 
 
 
 
هنا أروي حكايات مختلفة من هذا العالم، أما هي فقد  اجتهدت في دراستها ودرست التربية الرياضية، جدَّت واجتهدت كثيرا حتى تخرجت وحصلت على شهادة البكالوريوس بتقدير جيد جدا.
 
 
 
حاولت صوفيا أن تتأهل لسوق العمل كغيرها من ألاف الخريجين الذين أنهوا سنوات خضر في المرحلة الاكاديمية وطفقوا يتقصون رزقهم وعملا كريما يغنيهم عن سؤال الحاجة من الغير وتعويض ما انفقه عليهم والديهم.
 
 
 
وفوق ذلك يرفع من مقاماتهم فيردون شيئا من الجميل.
 
صوفيا تحلم أن تدخل على والدتها وتضع في يدها مئة شيكل كل أسبوع وأن تهدي والدها العزيز ساعة يد مميزة كتلك التي تشاهدها في يد الممثلين الوسيمين على الشاشات.
 
 
 
ولا ضير بقليل من الهيبة أمام اخوتها الصغار، فتدعوهم الى أحد مطاعم المدينة الجميلة وليطلبوا ما يشاءون على حسابها.
 
 
 
لكن؛ كانت الصدمة كبيرة، لكنها متوقعة وليست مستبعدة فلا بأس. حاجات سوق العمل ضعيفة، لا شواغر بعد ويلزم الكثير من الانتظار، أيضا لا بأس فالعقبات أمر طبيعي في حياتنا وستعمل كغيرها من المكافحين على تطويع تلك العقبات وتجاوزها.
 
 
 
فقررت صوفيا مجددا أن تكمل تعليمها العالي وتحصل درجة الماجستير في تخصصها، فتتوسع آفاق العمل أمامها وتفتح أبواب قلاع بعيدة كانت يوما مغلَّقة وصعبة المنال، هي الآن ستفتحها بجدها واجتهادها وبالعمل بلا كلل ولا ملل. فعدا عن سنتان إضافيتان من عمرها تدفعها بتعبها ودراستها وسهرها الليالي، إضافة الى التكلفة المادية المرتفعة جدا لكلية التربية الرياضية، والكثير الكثير من العناء الذي يحتاج الكلام عنه الى استرسال طويل في الكلام لا محل له في قصتنا- بل في لطميات الطلبة الخريجين الذين لا يجدون ما يشغلون به ساعاتهم الطوال.
 
 
 
تخرجت العزيزة صوفيا من كلية الدراسات العليا في تخصصها بتقدير ممتاز أيضا، كانت سعيدة سعادة لا تضاهى ولا تقدر بثمن فهي اليوم من حملة الشهادات العليا وليست خريجة عادية كثلثي الخريجين في هذه البلد.
 
 
 
تبادلت ومعارفها عبارات التهاني والتبريكات وفرحت بالهدايا الجميلة التي أرسلت اليها احتفاءً بهذا النجاح الكبير الذي يقر عيون والديها ويرفعهم ويعلي مراتبهم، وابتدأت مع انتهاء الإجازة الصيفية رحلة عذاب من نوع آخر.
 
 
 
كانت الصدمة اليوم مضاعفة.. أيعقل إذن ان تكون خريجة ماجستير ولا تجد عملا يليق بتعبها وعناءها وجدها واجتهادها على مدى تلك الست سنوات من الدراسة والتفاني؟؟!
 
 
 
بحثت وبحثت عن عمل يأوي ساعات فراغها بعد انتهاء مرحلتها الجامعية الطويلة، وقدمت أوراقها الى وزارة التربية والتعليم علها تجد وظيفة حكومية تقتات بها وتطور من نفسها وتنتج في مجتمعها.
 
 
 
حصَّلت الترتيب الثاني على مستوى محافظتها، وانتظرت دورها في الوظيفة المحتومة. لكن، الأيام تمضي ولا خير يلوح في الأفق..
 
 
 
مؤخراً، صوفيا قررت أن تنصب خيمة اعتصام على دوار المدينة وتحمل شهادتها العليا وتحرقها هناك أمام كل الجموع والناس والجماهير لتعبر عن رفضها ومقتها وخذلانها من كل ما حولها.
 
 
 
صوفيا تفكر جديا بإقامة ثورة لكن لا تدري على من تثور بالتحديد، فالمسؤولين عن مشكلتها كثر جداَ ولا تدري فعليا من أين تبدأ.
 
 
 
هاتفتني صديقتي منذ يومين، كانت مثقلة بالحزن والخيبات تتحسف على عمر قضته تجد وتتعب بلا طائل، تحدثني مشفقة على نفسها وعلى الشباب من الجنس الآخر، نظرا لما يلحق بكونك رجلا من مسؤوليات والتزامات متعددة ما بين واجبات تتعلق بالوالدين، فبحكم القوامة والعادات والتقاليد أنت ملزم على أن تدفع تكاليف الزواج وتأسس عائلة وإنجاب الأطفال وتنشأتهم وووو لا ينتهي الحديث.
 
 
 
صوفيا اليوم عازمة على أن تلتقي بوزير الرياضة معالي الوزير جبريل الرجوب لتشرح له معاناتها ومأساتها المشتركة هي وجميع زملائها الخريجين بمفردات ودقة وشرح يستفيض هي أقدر عليه مني.. فهل من مجيب يا سعادة الوزير؟!
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017