تحقيق: هديل أبو شهاب- المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات
تعاني محافظة طوباس وبلدة قراوة بني حسان الواقعة غربي محافظة سلفيت من مشكلة النفايات من سنوات كثيرة، تلك المشكلة التي تتواجد في الأحياء السكنية والسهول والمتنزهات والشوارع الرئيسية، فلم يعد غريباً أن ترى النفايات مكتظة وتمتد لنصف شارع أو قد تجد قمامة بلا صندوق من الأساس والمفارقة أن كلاهما تبعث روائح كريهة وتؤدي إلى انتشار الأمراض، والبلديات رغم الوعود إلا أنها غائبة عن الحلول.
وتعد تلك الظواهر من المشاهد المؤلمة، كونها تسجل حضورا في القرن الواحد والعشرين، والتي أضحت من مشاهد الماضي في معظم دول العالم حتى الدول النامية والفقيرة. لأنها لم تعد موجودة لوجود حلول تم التوصل إليها من عقود طويلة.
ولم تخلو برامج البلديات ومجلس الخدمات المشترك من جدولة لحل المشكلة، إذ قدمت العديد من الخطط من خلال العمل وفق إجراءات سريعة وفعالة، إلا أن الشارع ما زال يعاني من ازدياد انتشار النفايات.
وقد يستغرب المتابع الفلسطيني في الكثير من المدن والبلدات أن هناك تسليط للضوء على تلك القضية في هذه الأيام، والعمل على الحد منها ومن مخاطرها، لكن الواقع يظهر من خلال المعاينة الشخصية والمهنية أنها موجودة ومستعصية، وتزداد يوما بعد يوم.
وينكر النشطاء والمجموعات الشبابية في البلدات المعنية، صمت الكثير من الجهات وتقاعسها عن حل الظاهرة أو على الأقل الحد من تداعياتها، وعدم التجاوب من الجهات ذات الصلة سواء الرسمية أو الأهلية.
أرقام مذهلة
وتشير الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى زيادة حجم النفايات عاماً بعد عام بشكل كبير خصوصاً مع تزايد عدد السكان، وأن ما يتم رفعه منها لا يزيد على النصف في حين يظل قسم كبير في الشوارع، وأن حجم النفايات عام 2015 كان 15 ألف طن ومتوقع أن يصل إلى 30 الف طن عام 2016، في حين يرى خبراء مختصين أن مشكلة النفايات يمكن التعامل معها جدياً عبر عمليات التدوير التي تعد نشاطاً اقتصادياً في العديد من الدول.
وبين مركز الإحصاء الفلسطيني أن حجم النفايات الصلبة الناتجة عن استخدامات المنازل والمرافق الصحية والحكومية تبلغ سنوياً 3,324 طن، أي أن الكمية الناتجة يومياً من النفايات يبلغ 1,835.0 طن، أما عن المخلفات الزراعة فيشير المركز إلى أنها تبلغ نحو 15.3 ألف طن شهرياً.
ويظهر التقرير الذي أجراه المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات بالتعاون مع الصندوق الوطني NED ان هناك تسليط للضوء على قضية النفايات في كل من طوباس وبلدة قراوة بني حسان، انطلاقا من تحديد من المسؤول عن تفاقم المشكلة؟ ومن يتحمل المسؤولية الأكبر في تفاقم الظاهرة؟ ما الأسباب التي أدت إلى مشكلة النفايات؟ المخاطر المترتبة على مشكلة النفايات؟ ما رد مجلس الخدمات المشترك في قراوة بني حسان وطوباس بخصوص الموضوع؟ وما هي بدائل الحل المتوقعة؟
وخلال مشاهدات المركز العامة من خلال الجولات التي نظمها لكلا المنطقتين أثبتت أن المواطن مسؤول بسلوكه بدرجة تتساوى مع مسؤولية البلديات إن لم تفقها في مسألة تراكم النفايات بشوارع البلدات المذكورة.. ومن ثم نواصل هذا التحقيق لنرصد مواقع تقصير البلديات ومجلس الخدمات المشترك حول عمليات النظافة وجمع النفايات وكيفية التخلص منها.
شكاوى من قبل المواطنين
تصف أم مشير (60 عاماً)، القاطنة في المنطقة الغربية من بلدة قراوة بني حسان، معاناة بلدتها المتفاقمة منذ أكثر من 30 عاماً، على أراض مكدسة بأكوام النفايات والمخلفات الصناعية، المشهد من شرفة منزلها "بالقاتل".
أم مشير الذي تقطن إلى جانب مكب النفايات تشتكي في حديثها مع المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات الحجم الكبير للنفايات التي يمتلئ بها الحي الذي تعيش به. قائلة " أسكن منذ أكثر من 30 عاماً في هذا الحي، ويجاورني مكب للنفايات، طوال هذه الأعوام لم يطرأ أي تغير، لكن الأمر ازداد سوءاً حينما أحضروا مكباً جديداً للنفايات مما أدى إلى عدم تحملنا للروائح الكريهة، وكذلك بسب الحيوانات التي تكون بجانب المكبات والتي تنقل الأمراض".
وتتابع " في الصيف تزداد المشكلة بشكل أكبر، عدا عن كون النفايات تكون بشكل أكبر فإن هناك مشكلة الحشرات المضرة بالصحة كالبعوض التي تنتشر في مثل هذه الأماكن والتي تسبب لنا القرصات وللأطفال بعض الأمراض الخطيرة".
المكب المقام على أراضي البلدة وعلى مساحة 18 دونماً تجمع فيه نفايات منطقة قراوة بني حسان، وهناك جهوداً تبذل من أجل عمل مكب يحوي جميع مناطق محافظة سلفيت، ويتم التخلص منها بطريقة بدائية ( حرق النفايات بطريقة غير صحية). ويدار المكب من قبل مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة لمحافظة سلفيت، الذي أقر مديره التنفيذي سليمان طه أنه مكب مؤقت يفتقر للمعاير البيئية الصحية.
تذمر واضح
وفي محافظة طوباس، عبرت مواطنة، فضلت عدم ذكر اسمها، عن استيائها من الوضع الراهن الذي وصل به الحي الذي تسكنه من وضع مكب عشوائي للنفايات بجانبهم.
وتقول لـلمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، " المشكلة الأساسية في وضع المكب بجانب الحي المأهول بالسكان، فهذا أول خطر حقيقي، ثم هناك خطر آخر، وهو وجود الأطفال الصغار الذين يخرجون عادة للعب في الشارع وقد يتوجهون على الساحة التي يوجد فيها المكب والنفايات وهكذا تنتقل إليهم معظم الأمراض الخطيرة".
وتواصل " قدمنا شكاوي آلاف المرات لمجلس الخدمات المشترك ووعدنا بحل المشكلة، ومرت سنوات طويلة ثم قدمنا شكوى مرة أخرى، لكن كل مرة يتحجج المسؤولون بقضية عدم وجود أماكن ليقوموا بكب النفايات داخلها".
وتشير " في الصيف تتجدد مشكلة حرق النفايات، وما تخرجه هذه الروائح من غازات تأثيرها على المواطنين بشكل كبير، وطالبت في حديثها المنظمات الصحية في العالم بالالتفات لهذه القضية المهمة، وأن لا يغفوا عن مشكلة النفايات، كذلك على المسؤولين وضع خطط إستراتيجية لحل المشكلة في القريب العاجل.
وكشف المواطن مؤيد ساجي من بلدة طوباس عن مكب "عينون" للنفايات والذي أعيد استعماله بعد إغلاقه لعدة سنوات، مشيراً إلى أن قبل تحويله إلى مكب كان عبارة عن متنزه للعائلات في فصل الربيع.
وأكد ساجي أنهم قدموا العديد من الشكاوى الخطية لمجلس الخدمات المشترك من أجل العمل على تنظيف الأحياء السكنية والشارع الرئيس، وتوفير مكنسة آلية للشوارع، إلا أن المجلس لا يقوم بمسؤوليته وفق الأصول.
وأكد أن مجلس الخدمات قام برفع رسوم خدمة النفايات من تاريخ 2/2016 إلا أن الخدمة لم تتحسن بل ازدادت سوءً بشكل كبير، محملاً مشكلة تفاقم النفايات إلى مجلس الخدمات المشترك.
وطالب بضرورة أن يفرض مجلس الخدمات المشترك العقوبات والغرامات المالية لكل مواطن يخالف أو يرمي النفايات في غير مكانها، مشيراً أن المجلس لا يسعى إلى ذلك.
وحصل المركز قبل أيام قليلة على مجموعة من الصور التي توضح الإهمال التي تعاني منه بعض الأحياء السكنية من ترك النفايات مكدسة لأيام قبل جمعها من قبل عمال النظافة، حيث كتب أحد الأشخاص على صفحته الشخصية "الفيسبوك" والذي رفض التكلم معنا حول الموضوع عن أن البلدية لم تقوم بجمع النفايات في الحي الذي يقطنه منذ قرابة ثلاثة أيام، مما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة وعدم تحمل المنظر العام بالإضافة إلى تلوث البيئة.
وكشفت المصدر نفسه للـمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات أن مجلس الخدمات المشترك لا يقوم بواجباته وفق الأصول، حيث لا يبذل جهده من أجل التقليل أو الحد من المشكلة، كما أن هناك تأخر من قبل مجلس الخدمات المشترك في الرد على شكاوى المواطنين، وهذا بدوره يخلق حالة استياء وفوضى.
وخلال جلسة مناظرة عقدها المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزعات مع صناع القرار والأهالي في بلدة قراوة بني حسان وطوباس أكدوا أن تراكم النفايات تسبب الكثير من الأخطار التي تطال البيئة الفلسطينية، وبالأخص المواطن، خاصة أنها تكون لعدد كبير من المكبات التي تخصص لذلك الغرض أو ربما تكون لمكبات عشوائية، ووفق مفتش الصحة في سلفيت أبو عبادة الذي أكد خلال الجلسة أن " بعض المواطنين يعمدون إلى حرق النفايات إن تخلف عن إزالتها عمال البلديات، أو تلك التي تقع في أماكن بعيدة عن خدمات البلديات، لافتا إلى أن ذلك يتسبب بمشكلة أكبر تتعلق بالدخان الناتج عن هذه الحرائق، والذي عادة ما يحمل أنواعاً من السموم ويسبب الاختناق لبعض المرضى.
الخطر المدفق
وفي هذا الصدد، توجهنا إلى كلا المنطقتين لنحصل على معلومات أكثر عن قضية النفايات، حيث يذكر رئيس بلدة قراوة بني حسان عزيز عاصي مكرهة صحية، وضرر بيئي على حياة الإنسان، والشجر، والتربة، والمياه، وهناك دراسات علمية تم الاستعانة بها توضح أن هناك إشاعات خطيرة، وأضرار ناجمة عن النفايات".
ولخص رئيس مجلس الخدمات المشترك سليمان طه عن مشكلة النفايات التي تعاني منها بلدة قراوة بني حسان، حيث أشار أن ثقافة المواطن وعدم وعيهم بخطورة الأمر يعد العامل الأساسي في تفاقم المشكلة، مؤكداً أن البلدة تعاني من ضعف المواد والإمكانيات المتاحة لها، ونقص في عدد الحاويات، وقلة عمال النظافة، مشيراً إلى أن البلدية بحاجة إلى أموال كبيرة من أجل النهوض والعمل على الحد أو التقليل من المشكلة، كما أن كمية النفايات المنتجة في اليوم الواحد تعد كبيرة.
وتابع طه " أن أسباب ترك النفايات لأيام قبل جمعها هو أن سيارة النفايات تقوم بجمع النفايات ثلاثة أيام فقط في الأسبوع، وهذا من شأنه أن يزيد من الظاهرة ويجعل صعوبة في حلها".
أكملنا تحقيقنا هذا نحو محافظة طوباس، البلدة الثانية التي تعاني من مشكلة النفايات، حيث توجهنا للبلدية ومجلس الخدمات المشترك، حيث حمل رئيس البلدية عقاب دراغمة المسؤولية على المواطن، مؤكداً أن الأهالي يقومون بإرسال نفاياتهم لرميها بالحاويات بواسطة أطفالهم الصغار، والذين بدورهم يقومون برميها بجانب الحاويات وعدم وضعها في المكان المناسب.
وأضاف أنهم يعملون وفق الإمكانيات المتاحة لهم، وأنهم بحاجة لمشاريع أخرى لتسد النقص الذي تعاني منه البلدية، سواء في عدد الحاويات أو في إمكانية شراء سيارة نفايات إضافية.
وشدد رئيس مجلس الخدمات المشترك باسل بني عودة أن جزء من نفايات الشوارع سببها أصحاب المحلات أو المتاجر أو الباعة في الأسواق حيث إن صاحب المحل يقوم ببيع بضاعته ثم يقوم برمي أكياس وكراتين البضاعة خارج المحل أو أن يسمح للزبائن بشراء الحاجيات ورمي المخلفات في الشارع ويعتقد نفسه أنه بعيداً كل البعد عن المسؤولية.
وشدد انه يجب أن يكون هناك وعي ورقابة ذاتية عند كل مواطن من أجل التصرف السليم في موضوع النظافة وأن يساعد المجتمع عامل النظافة والسلطات المحلية في هذه القضية لأن النظافة تهم بشكل أساسي صحة المواطن وصحة أطفاله وأسرته".
ويشير إلى أنه يتم وضع إرشادات وتعليمات للمواطنين من أجل النظافة ومن هذه الإرشادات أهمية الالتزام المواطن بنظافة بيته، ووضع النفايات في أكياس محكمة الإغلاق ورميها داخل الحاوية أو تسليمها لعامل النظافة حسب توقيت عمله في الحي، إضافة إلى تعليمات وإرشادات لأصحاب المحلات والمصانع وأصحاب مخلفات البناء بأن يركزوا خلال أعمالهم على النظافة.
ويضيف إلى أن النظافة تبدأ بالمواطن لأنها سلوك إيماني حثنا عليها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وهي من السلوكيات التي يجب أن تكون من سماتنا وسلوكياتنا.
ناقوس الخطر
مفتش وزارة الصحة في بلدة طوباس محمد أبو عدنان يقول" إن تراكم النفايات والأوساخ في الشوارع وبجانب الحاويات والمرافق العامة يؤدي إلى حدوث المكاره الصحية المؤذية للعين، إضافة إلى أنها بيئة مناسبة لانتشار الحشرات والقوارض والبعوض والحيوانات الضالة وكل ذلك يؤدي إلى انتشار الأمراض".
ويضيف أبو عدنان :" يجب أن نهتم بنظافة البلدة وحاراتها حتى نتجنب الإمراض، فالوقاية خير من العلاج.
ويشدد على أن انتشار النفايات هو أمر ضار للبيئة وتشويه واضح للصورة الجمالية ويؤثر بشكل سلبي من الناحية النفسية والصحية على الإنسان.
أما عن أثار مكبات النفايات على الأراضي الزراعية يقول مدير الزراعة في طوباس مجدي عودة، إن المخلفات الزراعية تعد من أخطر أنواع المخلفات، لأنه يتم التخلص منها بالحرق، مما يساهم في رفع معدلات التلوث البيئي الناتج عن تصاعد غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات أخرى، مما يتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري، بالتالي زيادة ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض.
وتشير الدراسات التي أجراها مدير الصحة في محافظة سلفيت عبد الكريم أبو عبادة إلى أن إنتاج حجم النفايات اليومي في قراوة بني حسان ومحافظة سلفيت الذي ينتج عن المشاريع وغيرها تعد كبيرة جداً، منوهة بأن مكبات النفايات الموجودة حالياً لن تكون قادرة على استيعاب الكميات الكبيرة خلال الأعوام المقبلة، ولاسيما مع انتفاء النية على المدى البعيد لتأسيس مكبات نفايات جديدة، ولذلك فإنه من أفضل الطرق التي اقترحتها الدراسات حالياً هو الحرص على تطوير الأبحاث وتطبيق التكنولوجيا المختلفة التي تسهم في التقليل من حجم النفايات والحفاظ بالتالي على البيئة، والتقليل من المشكلات البيئية المختلفة المصاحبة لهذه النفايات.
وبحسب أبو عبادة فان المواطن الواحد في فلسطين ينتج يومياً ما مقداره ا, من النفايات الصلبة، ويبلغ إجمالي إنتاج الضفة 1,835.0 طن من النفايات في اليوم الواحد، وهي نسبة "خطيرة لو قورنت بحجم ومساحة الضفة.
ذلك الرقم الكبير من النفايات ينتقل إلى مكبات خاصة بالبلديات، منها المهيأ " وفق الأصول"، ومنها ما هو "عشوائي"، ونتيجة تأخر نقل عمال البلديات نفايات المنازل إلى المكبات الكبيرة، يلجأ بعض السكان في الأحياء السكنية إلى إحراق الحاويات أو إتلافها، وفي الأحيان يتعمدون إلى إلحاق الإضرار بها انتقاماً من عمال البلديات. على حد قوله
وتعقيباً على الرقم الكبير الذي ينتجه الفرد من النفايات يومياً، أكد رئيس مجلس النفايات الصلبة في محافظة بديا سليمان طه، أن المشكلة الأساسية هي عدم وعي المواطن بخطورة الوضع، كما أن ثقافة المواطن تلعب دوراً أساسياً في تفاقم المشكلة ووصولها لمرحلة بات من الصعب حلها، بالإضافة إلى أن نقص المعدات المتوفرة من حاويات وعمال نظافة ونقص عدد أيام الجمع التي يقوم بها عمال النظافة.
مخاطر كبيرة
وبحسب المراجع العلمية والمنظمات الصحية والبيئية، تتمثل مخاطر النفايات من ناحية بيئية بتشويه المنظر العام والتلوث البصري، وانبعاث الروائح الكريهة التي يتأثر بها الجهاز التنفسي للسكان، كما تؤثر على النظام الحيوي في منطقة التجمع النفايات عبر استجلاب القوارض والحشرات. وتتفاقم الخطورة من الغازات السامة المنبعثة من حاويات النفايات وخاصة بعد عملية الحرق وبخاصة غاز الديوكسين وغازات الميثان وثاني أوكسيد الكربون؛ والغازان الأخيران يعتبران من غازات الدفيئة التي يؤثر ارتفاعها في زيادة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض على المدى البعيد.
صحياً، تؤثر عمليات الحرق على الجهازين التنفسي والتناسلي كما تؤدي في أسوأ الحالات إلى تشوهات جينية وخلقية ناهيك عن إمكانية الإصابة بأمراض السرطان.
نتائج كارثية على البيئة
الدكتور سمير شديد المحاضر في جامعة النجاح الوطنية والمتخصص في هندسة المياه والبيئة، أكد أن مخاطر مكبات النفايات العشوائية في الضفة الغربية، كارثية على البيئة المحيطة والمياه الجوفية، إضافة إلى تأثيراته السلبية على الناحية الجمالية.
وقال شديد في حوار مع المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات حول مكب النفايات الواقع في قرية قراوة بني حسان ومحافظة طوباس والقريبة من الأحياء السكينة وخطورتهما على صحة الانسان والبيئة، "له أخطار على البيئة المحيطة من حيث تصاعد استمرار تصاعد الدخان السام الذي يحدث باستمرار نتيجة التفاعلات الكيميائية للنفايات، إضافة إلى الحرق المفتوح والعشوائي لمخلفات غير معلومة المصدر داخل المكب".
وتابع " حتى لو كانت المواد المتخلص منها معروفة المصدر فإن هذه المكبات تعمل على تلويث البيئة المحيطة بكافة عناصرها"، حيث يضر بالإنسان والطيور والحيوانات البرية والأشجار والتربة المجاورة وجودة الهواء المحيط، إضافة إلى كون المكبات لم يتم بناؤها بحسب الشروط والمواصفات الصحية السامة والتي تمنع من تسرب العصارة السامة من العناصر الثقيلة الناجمة عن تراكم النفايات لفترة طويلة إلى أحواض المياه الجوفية القريبة، إضافة إلى مشكلة الغازات السامة والتي تنتج بفعل التفاعلات الكيميائية التي قد تحدث للنفايات العشوائية.
قوانين بالاسم فقط!
على الرغم من وجود قانون يمنع رمي المخلفات إلا في الأماكن المخصصة لذلك، فإن ثمة تساؤل يثار حول الإمعان في مخالفة القانون؛ فهل يكمن السبب في ضعف القانون الرادع؟ أم في عدم وجود سبيل مناسب للتخلص من المخلفات؟ أم أن التطور الديمغرافي والسكاني الذي شهدته منطقة طوباس وقراوة بني حسان تجاوز استطاعة البلديات أو الجهات المسئولة عن صون الصحة العامة والبيئة؟ أم في انعدام الثقافة الصحية؟
قد تأتي الإجابة من الجهات ذات الاختصاص بأن هناك جهود في هذا الصدد وأنها تعمل بكل طاقاتها لخلق بيئة صحية خالية من التلوث في المنطقة معززة بالقوانين الخاصة لذلك، ولكن يبقى التساؤل هو: لماذا ما زلنا نرى النفايات والمخلفات الإنشائية والصناعية حولنا؟
تذكر رئيس سلطة جودة البيئة المهندسة عدالة الأتيرة بأن سلطة جودة البيئة تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة وفق القانون الفلسطيني وقانون البيئة والتشريعات الفلسطينية الأخرى ذات العلاقة.
وأكدت الأتيرة على أهمية تطبيق القوانين البيئية التي تنص على عدم استخدام المكبات العشوائية وعدم استقبال النفايات الإسرائيلية من المستوطنات، واتخاذ أقصى العقوبات بحق المخالفين سواء بإرغامهم على دفع الغرامات أو السجن لفترة قد تصل إلى عشرين عاما
ودعت إلى ضرورة تكاتف الجهود للحد من الظاهرة أو التقليل منها، مؤكدة أنها ظاهرة مقلقة ولها تأثير سلبي على البيئة وصحة الإنسان.
حلول جذرية
ويوضح شديد، أن مكبات النفايات الصحية تحتاج إلى توفر عدة شروط لسلامتها من الأخطار، تتمثل في وجود طبقة من البلاستيك العازل المقوى والذي يبطن قاع المكب بحيث يتم سحب العصارة السامة من خلال مضخات خاصة متصلة بشبكة تمديدات صحية اسفل المكب لتعالج هذه العصارة حسب المواصفات العلمية بحيث تفقد سميتها وبذلك نحافظ على مواردنا المائية المحدودة أصلا.
وأضاف، " أما عن الغازات السامة فيتم طمر النفايات بالأتربة على طبقات تشبه الساندويش بحيث نمنع من تأكسد النفايات الأمر الذي يحد من الكثير من التفاعلات الكيميائية الضارة بالبيئة.
وأوصى أهالي البلدتين إلى ضرورة زيادة عدد الحاويات، وزيادة عدد أيام الجمع، كما طالبوا بضرورة توفير مكنسة آلية للشوارع من أجل نظافة الشارع الرئيس في البلدات، وزيادة عمال النظافة، كما طالبوا بضرورة التزام مجلس الخدمات المشترك بتطبيق الخطط التي وضعت خلال السنوات الماضية ولم تطبق، والعمل على تحسين خدماتهم العمالية، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية في المدارس والجامعات والنوادي.
في نفس السياق، طالب رؤساء البلديات الأهالي على ضرورة الالتزام بالمعاير التي تضعها مجالس الخدمات المشترك، والأخذ بتوجهاتهم من أجل الحد أو التقليل من المشكلة.
156 مكباً للنفايات
يوجد في الضفة الغربية 156 مكباً منها ثلاث مكبات إقليمية ( زهرة الفنجان، ومكب يرمون والمنيا) لجميع أنواع النفايات، بين صناعية وبلدية وصلبة وأخرى نفايات خطرة، منتشرة في أنحاء الضفة الغربية منها ما هو مستعمل حتى اللحظة، ومنها ما تم تركه وعدم استعماله بعد تأسيس مكب إقليمي للمحافظة مثل محافظة جنين " زهرة الفنجان"، وغالبيتها ما زالت مستعملة وتلقى فيها النفايات بشكل عشوائي في العراء، وهناك مكبات يجري العمل عليها لحل مشكلة المكبات العشوائية، وذلك حسب الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة في فلسطين.
فيما تتوزع هذه المكبات جغرافياً في رام الله وحدها 73 مكباً، يقابلها 2 في طوباس، و17 في سلفيت، و16 في نابلس، و12 في طولكرم، و12 في الخليل، و9 في بيت لحم، و7 في جنين، و4 في قلقيلية، و3 في اريحا، ومكب واحد في القدس، حسب بيانات وزارة الحكم المحلي.