تستخدم في الكثير من الأحيان عبارة "انظر إلى نصف الكوب المليان". ويُفهم ضمناً من هذا التعبير أن يكون الإنسان متفائلاً. لكن لا يعرف الكثيرون أن أصل الجملة يرجع إلى مقياس نمط الشخصية باستخدام أكواب زجاجية بسيطة يُستخدم منذ سنوات طويلة. ويكون قياس شخصية الإنسان بأنه يميل إلى التشاؤم إذا ذكر أن نصف الكوب فارغ، في حين أن المتفائل يذكر أن نصف الكوب ممتلئ.
وبحسب موقع "Big Think" الأميركي، فإن طريقة استجابة كل شخص للظروف التي تصادفه هي التي تحدد إلى أي مدى يكون الشخص متفائلاً أو متشائماً، علاوة على أن سمة التفاؤل أو التشاؤم توضح واقع الشخص بشكل جزئي ولا يعد الحكم نهائيا أو شاملا.
للتشاؤم سلبيات وإيجابيات أيضاً
ويعد الأمل بشأن المستقبل هو أفضل طريق يقود أي شخص إلى الأمام. ولكن لابد من تذكر دائماً أن مفتاح الحياة السعيدة هو التوازن في كافة الأمور.
ولكن السؤال الذي طرح نفسه: هل تكمن أمراض مثل القلق أو الاكتئاب وراء حالة التشاؤم المنتشرة؟
ولأنه لا يوجد سبب محدد معروف، وبالتالي لا يوجد علاج ناجع لحالات التشاؤم، قرر باحثون من معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" الأميركي، وجامعة "كيوتو" اليابانية، إجراء دراسة للتحقق مما إذا كانت هناك منطقة معينة في المخ تتسبب في إثارة حالات التشاؤم.
والجديد هو أن الباحثين أعربوا عن اعتقادهم باكتشاف تلك المنطقة المسؤولة عن حالات التشاؤم في مخ الإنسان.
حاول النظر إلى نصف الكوب المليان
تجارب على القرود
لجأ الباحثون، في الدراسة التي نشرت في دورية Neuron، إلى تطبيق اختبار علمي معروف اختصاراً بـAp-Av، على مجموعة من قرود التجارب، لتحديد المناطق العصبية في المخ، التي تمكن أن تكون مسؤولة عن اتخاذ القرارات المتشائمة. ويعتبر اختبار Ap-Av وسيلة مدروسة جيداً لاستحضار السلوك القلق، حيث إن زيادة الإجهاد يدفع الحيوانات للجوء إلى خيارات ذات مخاطر وعائد أعلى.
وأظهرت النتائج، التي تطابقت مع فرضيات الفريق البحثي، أن بعض الدوائر بما يُعرف بـ"النواة الذنبية" في المخ يمكن أن تكون مصدر التشاؤم الدائم. وأن الصفات المتشائمة في البشر تتسبب في تكوين سلوك ما، يتم انتهاجه عند مواجهة أي موقف، لذا فإنه من المرجح أن يركز المتشائم على النتيجة السلبية المحتملة، وهو ما يؤدي إلى تأثير سلبي على أنشطة حياة المتشائم.
إن التغيرات القوية في عملية صنع القرار، التي توصل إليها الباحثون بواسطة التحفيز الدقيق لمنطقة "النواة الذنبية" في مخ القردة، تشير إلى أن هذا الجزء من المخ، يعمل كمحرك قوي مُحتمل للتأثير على التغيرات المزاجية بما في ذلك التشاؤم المفرط والمستمر.
علاج القلق والاكتئاب والوسواس القهري
تقول كبيرة الباحثين في الدراسة، أستاذة معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا"، البروفيسورة آن غريبيل، "إن تعقيد الأنظمة في المخ يتطلب "توازناً دقيقاً"، وهناك العديد من الدوائر المعنية بتنظيم عمل المخ، بدليل أنه عند التسبب في تثبيط جزء من هذه الأنظمة قليلاً يمكن أن يتغير السلوك بسرعة".
وتأمل البروفيسورة غريبيل وفريقها البحثي في أن تساعد الدراسة على "تحقيق اختراقات في علاج القلق والاكتئاب والوسواس القهري".
وتختتم غريبيل قائلة "إذا كان التحفيز الجزئي يمكن أن يساعد المريض في نهاية المطاف على كسر الكوب الزجاجي، فلن يكون لديه ما يستدعي القلق بشأن كمية السائل في الكوب سواء كان نصفه فارغاً أو ممتلئاً".