شرعنت المحكمة العُليا الإسرائيلية، مساء اليوم الخميس، مصادرة أراضٍ بملكيّة فلسطينية خاصّة، إذ صادقت على لائحة تُتيح ذلك، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة.
وأمرت المحكمة العليا بإخلاء البؤرة الاستيطانية "متسبيه كرميم" لكنها بالمقابل صادقت على لائحة تسمح بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، في خطوةٍ جاءت بعد التماس قدّمه فلسطينيون، ضد البؤرة الاستيطانية، في وقت سابق.
وتطرّقت "العُليا" في قرارها، إلى ما يُسمّى بلائحة "السوق"، التي تسمح بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة إذا تم نقل الأرض بـ"حسن نية"، بحسب "هآرتس".
وأفادت "هآرتس" بأن أمر الإخلاء؛ ينطبق على نحو 50 مبنى في البؤرة الاستيطانية. مُشيرة إلى أنه من المتوقع كذلك، إخلاءُ عشرة مبانٍ أخرى لم يشر إليها الالتماس الذي قدّمه الفلسطينيون.
وذكرت الصحيفة أن عملية الإخلاء المُقرّرة (حتى الآن)، تمثّل ضعف عملية إخلاء مستوطنة "عمونا" في عام 2017، والتي أقيمت على أراضٍ بملكية خاصة للفلسطينيين.
ووافقت المحكمة على استخدام هذه اللائحة من حيث المبدأ، لكنها قالت إنها لا تنطبق على "متسبيه كرميم" لأن الدولة لم تنجح في اختبار "حسن النية".
اقرأ/ي أيضًا | إلغاء اجتماع الحكومة الأسبوعي: كوشنير ورئيس تشاد يزوران إسرائيل
وبحسب القضاة، فإن مفوض الأملاك الحكومية "أغمض عينيه عن رؤية إشارات التحذير المتعددة التي كانت أمامه لسنوات عديدة".
وتستند لائحة "السوق" إلى القسم 5 من الأمر رقم "59" المتعلق بـ"الممتلكات الحكومية" في الضفة الغربية المُحتلّة، والتي بموجبها؛ ستظلّ المعاملة التي تمت بين مفوض ملكية الحكومة في الأراضي المحتلة وشخص آخر، ساريةً، حتى "لو تبين في وقت لاحق أن الممتلكات المنقولة لم تكن في الواقع حكومية. أي ما دامت الصفقة تمت (وفقا لما أُطلق) عليه ’حسن نية’"، بحسب "هآرتس".
وبحسب المحكمة، "لن يتم إخلاء مباني البؤرة الاستيطانيّة، إلا بعد أن يجد أصحابها، خلال 36 شهرًا من تاريخ الحكم، حلا بديلا مناسبًا، بتخصيص أراضٍ بديلة على أراضي الدولة وإقامة مبانٍ بديلة".
وقدم فلسطينيون من الضفة الغربية، في عام 2011، التماسا إلى المحكمة العليا، مؤكّدين أنهم يمتلكون قطعتين من الأرض، بُنيت عليهما منازل للمستوطنين في "متسبيه كرميم"، التي أقيمت كحي في مستوطنة "كوخاف هشارار"، ما دفع سكان البؤرة الاستيطانية، لرفع دعوى قضائية في المحكمة المركزية في القدس، اعتمدوا فيها على لائحة "السوق"، وزعموا أنهم استولوا على قطعتي الأرض بشكل قانونيّ.
اليمين الإسرائيليّ المتطرّف يرد
ولم يطُل الوقت حتّى بدأ اليمين الإسرائيلي المتطرّف بالتعقيب على قرار المحكمة، إذ كان عضوا الكنيست؛ بتسلئيل سموتريتش، من تحالف أحزاب اليمين المتطرف "يمينا"، بالإضافة إلى وزيرة القضاء الإسرائيلية السابقة، أييليت شاكيد، أوّل من عقّبا على القرار.
وكتبت شاكيد في تغريدةٍ عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن قرار "العُليا"؛ "حكم ملعون".
وأضافت: "يجب إلغاء هذا الحكم سواء في التشريع أو في جلسة أخرى"، بحسب ما أورد الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت).
وقالت شاكيد: "بالتأكيد لا يوجد عدالة هنا (...) سكان ’متسبيه كرميم’ (البؤرة الاستيطانية)، سنفكر سويًا في الأيام القادمة في الشيء الصحيح الذي يجب عمله؛ يجب عكسُ هذا الحكم (تقصد أنه يجب استصدار حكم في صالح مستوطني البؤرة)".
بدوره، دعا سموترتش، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى العمل على فرض تشريع يلغي قرار المحكمة، معتبرا أنه إذا لم يقم بذلك؛ "سيحكم عليه التاريخ ويتذكره كرئيس حكومةٍ تسبب في تدمير المستوطنة (’متسبيه كرميم’)، وإدامة حكم المحكمة العليا اليسارية"، على حدّ قوله.
وكانت المحكمة الإسرائيلية العليا، قد ألغت قبل نحو شهرين، "قانون التسوية" الذي يتيح البناء الاستيطاني على أراضٍ بملكية فلسطينية خاصة ويمنع إخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية، في محاولة لتبييض وشرعنة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء قرار المحكمة بأغلبية ثمانية قضاة مقابل اعتراض قاض واحد (القاضي نوعَم سولبيرغ)، ونظرت العليا الإسرائيلية إلى الالتماس الذي قدمه مركز "عدالة" ومركز "القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان" ومركز "الميزان لحقوق الإنسان في غزة"، باسم 17 مجلسًا محليًّا وإقليميًا فلسطينيًّا، بتركيبة موسعة وصلت إلى 9 قضاة، ترأستها رئيسة العليا الإسرائيلية، إستر حيوت.
وأقر الكنيست في السادس من شباط/ فبراير عام 2017 بصفة نهائية قانون تبييض المستوطنات المعروف إسرائيليا بـ"قانون التسوية"، بعدما أقره بالقراءة الأولى مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2016.
وأصبح هذا القانون نافذا بعد التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة النهائية بأغلبية 60 عضوا داخل الكنيست ومعارضة 52. وشكل القانون خطوة في اتجاه ضم أجزاء من الضفة الغربية، ما يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى تنفيذه خلال عمل حكومته الحالية.
عرب ٤٨
تحرير: باسل مغربي