" السنة الأسوأ بالنسبة للصحفيين الفلسطينيين"..هي الجملة التي يجري تداولها منذ صيف العام 2014، وقد شهد شهرا يوليو/ تموز واغسطس/آب أفظع الانتهاكات بحق الصحفيين الفلسطينيين والعاملين في مجال الصحافة بقطاع غزة والضفة الغربية والقدس خاصة.
وأدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال شهور الصيف إلى استشهاد أكثر من 2200 فلسطيني، حيث طال القصف ونتائجه أرواح 17 صحفياً بينهم مصور إيطالي وناشطة إعلامية وسائق بإحدى الوكالات الفلسطينية، كما أصيب في العدوان ذاته عشرات الصحفيين خلال عملهم الميداني أو أثناء تعرض مكاتبهم ومقارهم الإعلامية للاستهداف بالقذائف الاسرائيلية.
ورصد اتحاد الإذاعات والتلفزة الفلسطينية وخلال تقاريره الشهرية وقوع مئات الانتهاكات الاسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين وخاصة النصف الثاني من العام 2014، حيث توسعت أنماط الانتهاكات بين اعتقالات واحتجاز ومنع تغطية وضرب واعتداء مباشر وصولاً إلى استخدام الصحفيين كدروع بشرية.
الصحفيون الشهداء:
وفي صور مفجعة تابع الوسط الصحفي الفلسطيني استشهاد 17 صحفياً وناشطة وعامل في الوكالة الفلسطينية خلال القصف الاسرائيلي الذي شهده قطاع غزة في شهري تموز وآب 2014.
وطال العدوان خلال شهر تموز 117 هدفاً إعلامياً أدت إلى قتل 10 من العاملين في مجال الإعلام وإصابة عشرات الصحفيين، وقصف مقار إعلامية ومنازل لصحفيين وسياراتهم، وإطلاق النار عليهم واستهدافهم المباشر كما حدث خلال التغطيات الإعلامية للمظاهرات المناصرة لغزة في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وكان السائق في وكالة ميديا 24 بغزة حامد شهاب ( 30 عاما) أول الشهداء من العاملين في حقل الإعلام بغزة، بعدما قصف الطيران الحربي الصهيوني سيارة كانت تحمل شارة الصحافة (TV ) في أحد شوارع غزة في 10 تموز ليلاً، ثم تلا ذلك استشهاد الناشطة الإعلامية نجلاء الحاج مع عائلتها في الليلة ذاتها.
ولحق بهما الصحفي خالد حمد مصور وكالة "كونتنيو" للإنتاج التلفزيوني الذي استشهد في قصف استهدف طواقم صحفية خلال تغطيتهم مجزرة حي الشجاعية شرق غزة في 20 تموز، ثم استشهد الصحفي عبد الرحمن زياد أبو هين (26 عاماً ) الذي يعمل منتجاً في قناة الكتاب الفضائية بقصف منزله في حي الشجاعية يوم 23 تموز.
ويوم 29 تموز أدى القصف الصهيوني إلى استشهاد الصحفي بهاء الدين غريب محرر الشؤون العبرية في تلفزيون فلسطين مع ابنته في قصف استهدف منزله بمدينة غزة، وفي اليوم ذاته استشهد عزت ضهير مراسل إذاعة منبر الحرية في الخليل مع أربعة من أفراد عائلته في قصف منزله بمدينة رفح جنوبا.
وسجل يوم 30 تموز المنصرم أكثر الأحداث دموية بالنسبة للصحفيين، حيث استشهد ثلاثة منهم وأصيب آخرين، وارتقى المصوران الصحفيان سامح العريان من فضائية الأقصى ورامي ريان من الشبكة الفلسطينية للإعلام فيما أصيب المحرر في الشبكة محمود القصاص بجراح طفيفة في رأسه، ومصور وكالة المنار رضوان الشويكي بشظايا في أنحاء جسده في مجزرة سوق الشجاعية، بينما استشهد في اليوم ذاته الصحفي المختص بالشؤون الرياضية عاهد زقوت في قصف من طائرة إف16 استهدف منزله بحي النصر في مدينة غزة.
ويوم 31 تموز ارتقى الصحفي محمد ظاهر من مؤسسة الرسالة الإعلامية متأثرا بجراح أصيب بها في قصف منزله خلال جزرة حي الشجاعية.
أما في شهر أغسطس/ آب التالي، حيث استمر العدوان الاسرائيلي حتى اليوم 28 منه، فقد رصد اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الفلسطينية استشهاد سبعة صحفيين بينهم المصور الإيطالي سيمونا كاميللي بفعل العدوان على غزة، وإصابة 17 آخرين في الضفة الغربية وقطاع غزة بينهم مصور وكالةAP حاتم موسى الذي لا يزال يعاني من إصابة خطيرة أدت إلى بتر ساقه.
وفي الأول من آب استشهد الصحفي ومراسل موقع صدى الملاعب عبد الله فحجان في غارة إسرائيلية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة. وفي 2 آب استشهد الصحفي الحر شادي حمدي عياد (24عاما) اثر قصف على حي الزيتون في مدينة غزة كما استشهد والده الذي كان برفقته. وفي اليوم ذاته استشهد مصور في الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام محمد نور الدين الديري (26عاما) متأثرا بالجراح البالغة التي أصيب بها في رأسه بتاريخ 30/7/2014 على اثر قصف الاحتلال لسوق الشجاعية في مدينة غزة.
وفي 4 آب استشهد الصحفي حمادة خالد مقاط أحد كوادر التجمع الإعلامي في شمال غزة، ومدير موقع "سجا" الإعلامي، إثر قصف اسرائيلي استهدفه بالقرب من منزله.
في 13 آب استشهد الصحفي الإيطلي كاميلي سيموني ( 35 عاما ) ويعمل في وكالة الانباء الاميركية AP منذ 2005 في قطاع غزة، ومعه الصحفي علي أبو عفش من مركز الدوحة لحرية الاعلام ويعمل مع وكالة الصحافة الفرنسية ومترجما لوكالة الصحافة الأمريكية خلال انفجار صاروخ اسرائيلي حيث كانا يشاركان في إعداد تقرير عن مخلفات القصف الاسرائيلي.
وفي 25-8-2014 استشهد مراسل فضائية الأقصى السابق عبد الله فضل مرتجى في قصف مدفعي بحي الشجاعية شرق غزة.
الاعتقالات والصحفيون الأسرى:
سجل العام 2014 اعتقال عشرات الصحفيين الفلسطينيين واحتجاز عشرات آخرين خلال تغطيتهم للمواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي وخاصة في مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وسجل اتحاد الإذاعات والتلفزة الفلسطينية 32 حالة اعتقال ( بعض الصحفيين تعرضوا للاعتقال عدة مرات)، وآخرهم مراسل قناة الأقصى بالضفة الغربية مصطفى الخواجا الذي أفرج عنه في الثلاثين من أكتوبر الماضي.
وكان الصحفيون والنشطاء الإعلاميين في مدينة القدس الأكثر عرضة للاعتقال حيث سجل التقرير اعتقال صحفيات كلطيفة عبد اللطيف ولواء أبو ارميلة وكذلك المصورين عبد العفو الزغير ومصطفى الخاروف عدة مرات خلال تغطيتهم لاقتحامات المستوطنين باحات المسجد الأقصى المبارك وخاصة خلال شهور اكتوبر ونوفمبر وديسمبر.
غير أن 13 صحفياً فلسطينياً وبعضهم اعتقل منذ سنوات سابقة لا زالوا يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهم:
1. قتيبة قاسم مراسل موقع أصداء برس والذي اعتقل على حاجز الكونتينر شمال بيت لحم بتاريخ 10-12-2014.
2. الصحفية والناشطة في مجال الأسرى بشرى الطويل والمعتقلة منذ 4/7/2014
3. مدير مكتب فضائية الأقصى في الضفة الغربية عزيز كايد الذي اعتقل من منزله بمدينة البيرة بتاريخ 17/6/2014 وجرى تحويله للاعتقال الإداري مرتين آخرهما في 30 أكتوبر الماضي.
4. الصحفي همام عتيلي من طولكرم والمعتقل منذ 12/8/2014 وهو طالب بقسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة النجاح الوطنية.
5. الصحفي محمد منى والذي يواجه الاعتقال الإداري المتجدد منذ اعتقاله بتاريخ 7/8/2013.
6. الصحفي احمد العاروري من منطقة رام الله، معتقل منذ 27/7/2013
7. الناشط الصحفي ثامر سباعنة، من جنين ومعتقل منذ 6/3/2013
8. مدير مكتب صحيفة فلسطين التي كانت توزع بالضفة الغربية وليد خالد من سلفيت والمعتقل منذ آذار 2013.
9. الصحفي عنان سمير عجاوي من منطقة جنين، اعتقل على معبر الكرامة بتاريخ 16/1/2013
10. مدير الدائرة الإعلامية بمكتب نواب حركة حماس في رام الله مراد محمد أبو البهاء، والمعتقل منذ تاريخ 15/6/2012.
11. الصحفي صلاح عواد، من نابلس، وهو معتقل منذ شهر نيسان 2011، ويواجه حكما بالسجن لمدة 7 سنوات، وكان يشغل مدير الدائرة الإعلامية في نادي الأسير الفلسطيني برام الله.
12. الصحفي أحمد الصيفي، من رام الله، وكان طالبا في كلية الإعلام بجامعة بيرزيت، ومعتقل منذ 19/8/2009 ويقضي حكما بالسجن لمدة 19 عاماً.
13. وأقدم الصحفيين المعتقلين محمود موسى عيسى، من مخيم شعفاط شمال القدس، والذي عمل مراسلا لصحيفة صوت الحق والحرية ومديرا للتحرير فيها، ومعتقل منذ عام 1993، ومحكوم بالسجن المؤبد.
اعتداءات مختلفة
وبالإضافة إلى القتل والاعتقال، واجه الصحفيون الفلسطينيون خلال عام 2014 أشكال مختلفة من الانتهاكات منها الاعتداء المباشر حيث سجلت 73 حالة ضرب واعتداء على الصحفيين وخاصة خلال تغطيتهم المواجهات بالضفة الغربية والقدس المحتلة.
وبفعل العدوان الاسرائيلي واستهداف الصحفيين خلال المواجهات سجل خلال العام 2014 إصابة 77 صحفيا بعضهم بشظايا الصواريخ وآخرين بالرصاص المباشر.
وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تعرضت 16 مؤسسة ومقر إعلامي للقصف الإسرائيلي المباشرة أدى إلى تدمير بعضها مثل مقار فضائية ومرئية الأقصى، إلى جانب مكاتب لقناة الجزيرة الفضائية وعدة وكالات وصحف محلية ودولية. كما طال القصف 16 منزلا لصحفيين فلسطينيين أيضا.
وفي سياق الاعتداء على المؤسسات الإعلامية، اقتحم الجيش الاسرائيلي مقار ستة وكالات وقنوات إعلامية في الضفة الغربية خلال 2014، منها مكاتب شركات بالميديا وترانسميديا ووطن للأنباء في مدن رام الله والخليل خلال حملته العسكرية التي رافقت اختطاف المستوطنين الثلاثة في شهر حزيران.
التحريض:
وكان منع التغطية هو السمة الملازمة لمعظم المواجهات في الضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب التحريض من أجهزة الأمن ووسائل الإعلام الإسرائيلية بحق الصحفيين ووسائل الإعلام الفلسطينية.
ورصد تقرير اتحاد الإذاعات والتلفزة حملات تحريض إسرائيلية على الصحافة الفلسطينية ووسائل الإعلام العربية والأجنبية طيلة 51 يوماً من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وفي بيان مكتوب على صفحة الفيس بوك الرسمية اتهمت سفارة إسرائيل في إسبانيا المراسلة اسبانية يولاندا الفاريز مراسلة التلفزيون الاسباني بالانحياز لحركة حماس بعد نقلها صور الدمار والعدوان من غزة.
وأدى القصف الإسرائيلي إلى استهداف مقار إعلامية أبرزها إذاعة ومرئية الأقصى الفضائية ومكاتب قناة الجزيرة بدعوى " ممارسة التحريض ضد إسرائيل".
وطال التحريض الاسرائيلي أيضا وكالة الأناضول التركية على خلفية تغطيتها للهبة الشعبية في مدينة القدس المحتلة خلال نوفمبر الماضي.
كما هاجمت القناة العاشرة الإسرائيلية تلفزيون فلسطين باعتباره المحرك والمحرض على الإحداث في الضفة الغربية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر.
منع السفر
وكان منع السفر سياسة واجهت العديد من الصحفيين الفلسطينيين والذين أجبر عدد منهم على العودة إلى مكان سكنهم ومنعوا من اجتياز جسر الكرامة من الضفة الغربية إلى الأردن ومنهم: مدير البرامج في قناة القدس نواف العامر وكذلك مراسل قناة الأقصى الفضائية صهيب العصا ومراسل وكالة شهاب في الضفة الغربية الصحفي عامر أبو عرفة والمنتج الإعلامي عمر نزال من السفر خارج الضفة الغربية بدعوى المنع الأمني.
إننا ونحن نرصد هذه الانتهاكات المتزايدة بحق الصحفيين الفلسطينيين خلال عام 2014 لنؤكد على جملة من الحقائق ونحن نودع هذا العام الصعب على الأسرة الصحفية الفلسطينية:
أولا: نطالب بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذي تعمدوا قصف المقرات الصحفية وقتل الصحفيين الفلسطينيين لاسيما خلال الحرب على غزة .
ثانيا: ندعو المؤسسات الحقوقية الدولية التي تعنى بتوثيق جرائم الحرب لاعتبار أن القتل المتعمد وقصف المؤسسات الصحفية جرائم تخالف كافة المواثيق والاعراف الدولية وملاحقة مرتكبيها من الإسرائيليين.
ثالثا: نطالب المؤسسات الصحفية الدولية بمقاطعة الصحفيين الإسرائيليين باعتبارهم يشاركون في جرائم الاحتلال من خلال التحريض ضد الصحفيين الفلسطينيين وتبنيهم للرواية الأمنية الصهيونية وتجاهل الحقيقة في نقل الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني .
رابعا: ندعو إلى دعم المؤسسات الصحفية الفلسطينية التي تعرضت للتدمير كما ندعو لدعم عوائل الشهداء والجرحى الصحفيين .
خامسا: إن الحصار المفروض على غزة حرم المئات من الصحفيين من تطوير أنفسهم والمشاركة في المؤتمرات الدولية لذلك نطالب برفع الحصار وفتح المعابر من أجل السماح للصحفيين بالتنقل بحرية وعدم إعاقة عمل الطواقم الصحفية خاصة في مدن الضفة الغربية .
سادسا: نطالب كل المؤسسات والنقابات والاتحادات بتوفير كافة أنواع الدعم للصحفيين الفلسطينيين لاسيما الإعلام المحلي الفلسطيني لكي يقوم بدوره على أكمل وجه .
سابعا: إن حجم الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون الفلسطينيون خلال عام 2014 يجب أن تدفع الصحفيون الفلسطينيون لتوحيد الجسم الصحفي لكي يمثل كافة الصحفيين وفق نقابة مهنية يشارك فيها الجميع عبر انتخابات حرة ونزيه وشفافة .
ثامنا: نوجه التحية للصحفيين الفلسطينيين الذين يواصلون عملهم رغم الصعاب والتضيق والمخاطر كما نوجه التحية لعوائل شهداء الصحفيين والمعتقلين في سجون الاحتلال ونتمنى لهم الفرج العاجل والقريب.
تاسعا: ندعو لاعتبار أن يكون عام 2015 عام القدس لاعتبار أن القدس والمسجد الأقصى قضية كل الأحرار و لما تتعرض له المدينة من عدوان وانتهاكات يومية خاصة الصحفيين الفلسطينيين المقدسيين الذي يتعرضون للضرب ومصادرة معداتهم ومنعهم من التغطية بشكل مستمر .